14743 x served & 1005 x viewed
يسوع الراعي الصالح “انجيل البشير يوحنا 10 : 1 – 21”
ينفرد البشير يوحنا بادراج هذا النص اللاهوتي، ويعتبر هذا النص من النصوص التعليمية حيث استخدم يسوع طريقة الشرح بواسطة الامثال لتقريب الفكرة الجوهرية للقصد الالهي، للناس. وقد استخدم مثل الخراف والحظيرة لانها صورة قريبة للبيئة التي كان يكلم فيها الجموع انذاك…
يبدأ يسوع بكلمة الحق ونلاحظ انه يكرر استخدامها قائلاً :“الحق الحق اقول لكم” وتعني (اني ساخبركم بالحقيقة عن شيء مهم او شيء صادق او شيء حقيقي)، والحقيقة هي احدى الصفات الالهية .. فالاله دائما ينطق بالحق ولا يكذب ابداً، وحاشا ان يكون ذلك. ويكمل “الحق الحق اقول لكم من لايدخل حظيرة الخراف من الباب بل يصعد عليها من مكان اخر فهو سارق ولص”، الحظيرة تمثل الهيكل او الكنيسة والمعنى هنا إن الذي لايدخل من باب الكنيسة ليصلي ويتبع تعاليم ووصايا الكنيسة المقدسة الرسولية، فهو انسان سارق ولص، اتى ليسرق اولاد الله من الكنيسة…
ويكمل، الراعي يدعوا كل واحد من الخراف بأسمهِ ويخرجه، اليوم يسوع يدعوا كل واحد منا بأسمه ليخرجه من حالة الضياع والكأبة والروتين، وليخرجه من القوقعة التي وضع نفسه فيها، الى اللقاء بالاخر والله والذات (الانا). يسير امام الخراف، فتتبعه لأنها تعرف صوته، وكما تبع التلاميذ والمؤمنين الاوائل المسيح وبعدهم تبعناه نحن ايضا… ووصل الى قمة الجلجلة، ومن ثم علق على عود الصليب. بعد ان سمعنا كلام المسيح و أمنا به علينا ان نعلم إن طريقه، طريق صعب، طريق الجلجلة، ولكن اذا كنا واثقين ومؤمنين بانه هو راعينا، سوف نتبعه الى النهاية، ومتى جاءت تعاليم جديدة سنعرف بأنها ليست من راعينا الصالح وان هذا الصوت غريب فلا نتبعه لكي لا نصل الى الهلاك…
الراعي الصالح، يثبت حتى النهاية ويحافظ على ابناء الله، ابناء الكنيسة، المؤمنين. يفني حياته وهو يواجه كل التحديات ويكون دائما قويًا بكلام الله وبالسلطة الممنوحة له من الكنيسة. لكونه هو المسؤول على ان يحافظ على هولاء المؤمنين ويمنع اللصوص من ان يسرقوهم، فهذا هو احد اهم واجباته. ويرمز الى الكاهن بالراعي، والكاهن الصالح يجب ان يحافظ على رعيته، لانه ليس اجيراً، وما الاجير مثل الراعي، لان الخراف لاتخصه، فاذا رأى الذئب هاجما، ترك الخراف وهرب… اما الاجير فقد يهرب من اللصوص او الذئاب التي تهاجمه…
وهنا لابد لي من الاشارة الى الدور الكبير الذي قام به رعاتنا الاجلاء من (الاكليروس)البطاركة والمطارنة والكهنة والشمامسة والراهبات والعلمانين المكرسين ايضاً في الكنيسة، لاسيما في الاونة الاخيرة وما تعرض له المسيحين في العراق بصورة خاصة وسوريا ، ومصر ودول اخرى بصورة عامة، حيث عملوا ساهرين على انقاذ المؤمنين روحيا وماديا ومعنويا من الازمة الشرسة التي طالتهم.
عندما يتكلم الراعي (يسوع = الكاهن) و ينادي القطيع فهي تسمع صوته وتميزه، وتميز التعاليم الصحيحة التي يعلم بها، عن سواها…
إن مهنة الرعي كانت في القدم وحتى الان مهنة مبتذلة ومرذولة والراعي هو انسان بسيط وفقير، ولايعرف شيء، سوى أخذ القطيع لترعى في السهول. ولهذا يشبه يسوع نفسه بالراعي، فليس من الغريب ان يستخدم الرب يسوع هذا التشبيه، فقد كان قريباً من الفئات المنبوذة واصحاب المهن المبتذلة… وهنا تكمن عظمة ابن الله، الكلمة المتجسدة، يختار ان يشبه نفسه بالراعي، فيصبح إنسان بسيط وراعي منبوذ ولكن لديه مسؤلية كبيرة وهي القطيع الموجود والتي تشير الرعية التي هي الانسان.
قال يسوع هذا المثل فما فهموا معنى كلامه. لذلك عاد وكرر وشرح مرة اخرى فقال (الحق الحق اقول لكم انا باب الخراف جميع من جاء من قبلي كانوا سارقون ولصوص فما اصغت له الخراف , (انا هو الباب فمن دخل مني يخلص) نرى هنا يسوع يؤكد بأنه هو المرسل من عند الاب (انا هو الباب، فمن دخل مني يخلص) اشارة الى الوهية المسيح و على انه (هو الله) وهو باب الحياة، هو المسيح المنتظر (هو المسيا) ويقول (يدخل ويخرج ويجدد مرعى) الذي يأتي من خلاله سوف يدخل الملكوت وينال الحياة الابدية… والمرعى تعني السهل الاخضر، وهنا نرى يسوع يشبه (الملكوت بالمرعى) وهي مكان الراحة والسلام واننا نرى بها السعادة فندخل ونخرج بفرح وبمعنى اخر (نحن نعيش في الملكوت واننا ننمو ونكبر بكلام الرب ونتنعم به).
لا يَجيءُ السارق إلا ليسرق ويقتل ويهدم اما انا فجئت لتكون لهم الحياة، بل ملء الحياة هناك الكثير من الديانات تاتي على اساس القتل والسيف والسرقة والنهب والتفريق والفتن والطائفية ولكن يسوع اتى لكي تكون لنا الحياة حتى نعيش ونشارك الله بالخلق حتى ننمو ونتكاثر ونصل الى ملء الحياة. وكلمة ملء، تعني الامتلاء المطلق،كأن نقول، أنا عشت ملء الحياة الانسانية، أي انني احببت الاخر (ولايمكن تحديد الحب بشخص او شخصين او ثلاثة، بل الحب المطلق للجميع) وحافظت على انسانية الانسان، وحققت طموحي في الحياة العملية والاجتماعية، وعشت هذه الحياة حتى النهاية. ونحاول الوصول الى اعظم شيئ لكي نتشبه بالمسيح…
انا الراعي الصالح… والراعي الصالح يضحي بحياته لأجل خرافه وهنا يشير يسوع الى انه سوف يضحي بنفسه لكي يخلصنا نحن البشر، في اشارة الى ما سيحدث له، وهو سيشرب الكأس المر، وسيمجد الله حتى في اخر لحظة من حياته الارضية على الصليب. ولي خراف اخرى من غير هذه الحظيرة، فيجب علي ان اقودها هي ايضاً، كما قال المسيح انا لم اتي لانقذ اليهود فقط ولكن لدي أناس اخرين (الوثنين وغيرهم)، يجب علي ان اعطيها تعاليمي وارفع القشور من عيونهم لترى حقيقة الله الاب.
يسوع هو الراعي الصالح، وبقي مع الخراف الى اخر لحظة في حياته وحتى عندما هجمت الذئاب عليه هو الذي حمى الخراف منهم ضحى بنفسه لاجل خراف… إذن لو لم يكن المسيح كلمة الله او لو كان لص او لو كانت تعاليمه باطلة لما كان ضحى بنفسه لأجلنا نحن .. ولكن يسوع ذهب وصلى وقال للرب (يارب لتكن مشيئتك لا مشيئتي) وهنا تعني بان المسيح هو الراعي الصالح، هو صاحب الخراف، وهو ليس الاجير الذي يترك الخراف لكي تأكلها الذئاب ويهرب…
ويقول هنا يسوع انا اعرف خرافي وخرافي تعرفني مثلما يعرف الاب وانا عرفه، أي ا الله يعرف كل واحد منا بشخصه.
وقال احدهم هذا الرجل فيه شيطان فهو يهذي لماذا تصغون اليه؟ وقال اخرون ماهذا كلام فيه شيطان ايقدر الشيطان يفتح عيون العميان ؟، لانهم لم يريدوا من الجموع ان تصدقه، فابتدأوا بنشر الاكاذيب والاشاعات عنه ولكن البعض من الحاضرين كشفوا حقيقة يسوع بعد ان فتحت عيونهم لكلام الله وبالهام الروح القدس… وفتحت اذانهم ليصغوا الى صوت الرب.
في النهاية لابد لي من ان اقدم اعتذراي للاطالة ولكن حاولت تغطية النص كاملا بصورة بسيطة ومختصرة…